المزايدون باسم القضية الجنوبية اكثر المستفيدين من بقاء الحال على ما هو عليه
24 مايو، 2016
414 9 دقائق
يمنات
نجيب شرف الحاج
من عام لأخر تتخذ التيارات والمكونات المتشددة المحسوبة على الحراك الجنوبي من يوم 21،22 مايو من كل عام وسيله للمزايدة بمظلومية الجنوب؛ و تطلق العنان لشطحات التهديد بإعلان الانفصال..؟
يا هؤلاء اليمن موحد بانتماءات اليمنيين وبجذورهم المترابطة وبمناطقهم المتشابكة مع بعضها، وعلى مر العصور ظلت هذه الصلة اقوى من براميل التشطير ومن اعلانات ومواقف الساسة، جربها من قبلكم الانجليز والأتراك و السلاطين والأئمة ففشلوا وأعلنها البيض في 21 مايو1994م وناصر النوبة بعد 21 سبتمبر2014، لكن الواقع دائماً كان يقول غير ذلك!
المكونات المزايدة باسم القضية الجنوبية هي اكثر المستفيدين من بقاء الحال على ما هو عليه كون المظلومية الجنوبية اصبحت بمثابة مصدر رزق ومزايدة بالنسبة لهم بينما المظلومين والمقصيين والمسحوقين الحقيقيين من ابناء الجنوب لا يزال وضعهم من فترة الى اخرى ينزلق نحو ما هو أكثر سوء وعناء وأسى ان اقدام المكونات المتشددة في الحراك على خطوة مجنونة وفادحة الثمن غير محسوبة العواقب وإعلانهم الانفصال في لحظة غرور لن تغير من واقع الامر شيء و سيكتون لا محالة من عناء ورعونة قرارهم.
لن تكون هناك لهم قضية يزايدون و يترزقون باسمها وستتجه خلافاتهم نحو بعضهم البعض .. نؤمن ان الوحدة مصلحه وشراكة، وان الجنوب تعرض للظلم والتهميش والإقصاء، وان من حق كافة الجنوبيين حق تقرير مصيرهم .. لكن بما يكفل ويضمن حقوق الاخرين!
أما ان تجعلوا من مظلوميتكم الى اداة ووسيلة للظلم وتتنمرون على بسطاء الغلابى من ابناء الشمال وتحولون بينهم وبين مصادر رزقهم، و بتصرفكم الارعن على ذلك النحو تحولون انفسكم من ضحايا الى جلادين ومن مظلومين الى ظلمة تتركون الجلاد وتتنمرون على الضحايا.
وجهوا سعاركم نحو الطاغية والمستبد الحقيقي، ربما سيكون صوتكم مسموع وأكثر تأثيراً بدلاً من التنكيل بالغلابى الذين لا محالة سيلقون تعاطف الناس معهم وستلتفت الناس ونغض الطرف عن القضية التي تزايدون باسمها!
قيل ان داعية إسلامي التقى ذات يوم بالشاعر اليمني الكبيرعبد الله البردوني وقال له: يابردوني: “أنت شيوعي يجب قتلك”! فرد البردوني عليه قائلا: “حافظ على حياتي فأنا مصدر رزقك لأنك تخوف بي دول الجوار وترعبهم بالشيوعية، ليغدقوا عليك المال!” .. فحافظوا على اليمن الموحد .. اليمن المستباح على أيدي ابنائه المتعاقبين على السلطة والحكم .. حافظوا على الغلابى من اخوانكم وأبناء جلدتكم المنتمين للمناطق الشمالية وعلى مصادر رزقهم حتى تبقى لكم قضية تتغلفون بها وتزايدون باسمها.
أما ان تتنمرون على الغلابى من ابناء جلدتكم في حين ترحبون وتتفاخرون بالمنقذين العرب الذين خذلوكم في 1994م وكانوا سبب في معاناتكم، فلا زلنا نتذكر لليوم مغادرة البيض وسالم صالح محمد عشية التوقيع على وثيقة العهد والاتفاق في عَمان وتوجههم الى كلاً من الامارات والسعودية و موقف دول التعاون الخليجي وتعاملها بكل تراخي وبرود وتأجيلها لانعقاد اجتماع مجلسها من فترة الى اخرى اثناء حرب صيف1994م ومواقفها من اجراءات القمع والتنكيل التي تعرضت لها قيادات وناشطي الحراك منذ 2007م وما بعدها.
مشكلة اليمنيين انهم صدقوا تلك المقولة القائلة ان اليمن هي الاصل وان اليمن تنتمي اليها أصول العرب، وكلما اشتدت ازمات اليمنيين واحتدمت خلافاتهم يعودون للتفتيش في الهوية والانتماءات والجذور، في 94م قالوا البيض ليس يمني وجذوره وأصوله مدري من اين اتت و في 2011م قالوا ان صالح لا ينسب لبيت الاحمر وإنما لقبه عفاش وال الاحمر اصولهم اتراك وباسندوة مدري من اين بعث؟ و على هذا المنوال نعود دوماً الى التقوقع والاحتماء بقرانا ومناطقنا الصغيرة ونحاسب خصومنا بحسب انتماءاتهم وجذورهم وليس بحسب كفاءاتهم وأخطائهم؟!
لذلك سنظل نتقدم الى الوراء وننزلق من سيئ الى ما هو اسوء منه.